ذكرى خالده بقلم :" هاجر الفاخري".
"ذِكرى خَالده ".
جلستُ على طاوِلةٍ في المقهى الّذي تقابلنا فيهِ أولَ مرَه ، أتيتُ قبلَ المُوعِد بنصفِ ساعة ، كعادتِي أحُب إستباق الأحداث والإبكار في المواعيد ، وكعادتِك تحُب أن تعيش كل حدثٍ في وقته و ضبط الوقت ، النّـصفُ الساعه التّي بكرتُها كان لي أنّ أتذكر فيها صُدفتنا الأولى ، عندما كنتُ عائدةً من المكتبة حاملةً كتابي الذي أتشوقُ لقرائته ، ولم يخطِر بـبالِي مكانٌ أقرأهُ فيهِ غير المقهى الكلاسيكي المُفضلُ لـ قلبِي ، أدخُلهُ فأشتم رائِحة القهَوةِ والشّاي بالقِرفةِ التّي تفتح شهيةَ عقليِ لـ القراءة ، ويأتِي النّادِل بكُوبِ قهُوتِي المّرة التّي أعتدتُ أن أطلبها كلُ ما أتيتُ هُنا ، ولكِن هذهِ المَرة وأنا جالِسة على الطاوله وأمامِي كتابٍي مفتوحةٌ صفحاتهُ تنتظرنِي لأترنّم بأحرفه ،في أثنآء حمّلي لكُوب القهوةِ وأنا أشتمُ لِرائحتِه ، أتيتَ أنتَ مُسرعاً فصدمتنِي بقوةٍ ، فإنزلق من أناملي كُوبُ قهُوتِي السّاخِن ، لِكِي ينسكب على حروفِ كِتابِي ويضيع معالِمها ، لم أرك من شدة الدّمُوعِ التّي ملأت عينِي ، رفعتُ اعيني و الدمُوع تنهمر منها، رأيتُك ف تلعثم لسانِي عن كلماته ، ورغم بلاغتي إلّا أنّي أضعتُ جميع المُفردات ، ليس هذا فقط ، ف عِند تأسفُك لي ، ضاع غضبِي واطمئنت نفسي ، لم أدرك ما حصل حينها ، يبدُو أنك صدمت قلبي ، فـ إنزلق منّي عِندك ، ثَوانِي قليلة من إعتذارك حتّى اختفيت ، جال حديثٌ بيني وبين قلبي ، كيف يصدمنا ويذهب هكذا دون أن يكّفر عن خطئه ، أيعتقد أنّ اعتذارهُ يفِي بالغرض !، تقدّم النّادِلُ ومسح القهُوه التّي انسكبت ، ولبثتُ أنا أنظر ل كِتابِي الذي لم يعد كِتاباً بعد أن انحرقت أحرفُه ، لم انتبه الا وأنك جالِسٌ ف الكُرسي أمامي وجالبٌ معك قهُوةً مرّة ونسخةً من كتابِي الذي احترق ، ابتسمت وقلت لي " أعلم أنّ اعتذاري لم يكفِي ولكنِ الآن أكُون قد حاولت التكفير عن خطأي ولو بشيءٍ بسيط "، ضحكتُ وضحك قلبي ، ابتسامتي كانت دليلا على قُبُولِي اعتذارك ، ومن ثمّ أردفَتَ قائلاً " ذُوقك ف الكتبِ جمِيل يُشبهُ ذوقي ،
أتعلمين لما كُنت مسرعاً !، لأنه في المكتبةِ لا يُوجد الا نسختان من هذا الكتابِ فقط ، واحده أخذتها أنتِ ف أحرقتها أنا عند إسراعِي لأخذ النسخة الثانية، والثانيه أخذتها أنا وأهديتُك أيّها تكفيراً عن غلطتي الغير مقصودة "،
أيقضنِي من شريط ذكرياتُي صُوتك وأنتَ تُناديني بعد أن مرت نصفُ ساعةٍ وأتيت ف المُوعد ، ها أنا أهديكَ اليُوم كتابِي الذي أهديتني أياه بعد أن تأملتُ أحرفه حرفاً حرفاً ، وبعد أن وضعتُ علامةً على الأسطر التّي استطاعت لمس قلبِي وعبرت عن مشاعِري إتجاهك ،
بالأمس أهديتني الكتاب ومعهُ إعتذارك ، واليوم أهديك الكتاب ومعهُ قلبي المتيمُ بك ، أتمنّى أن تكفِر أيضاً عن اصتدامك قلبي ، فتهديني قلبك ليقرأه قلبي.
مُلاح :كُتبت هذه الأحرف قبل مجيئك لموعدنا بنصف ساعة، في الورقه الخاليه في أخِر كِتابِنا ، أُحبُك ، أحبُكَ كثيراً يـ عزيزي .
هَاجَر الفَاخِري.
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا من فضلك و تذكر "ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد".