ربورتاج صحفي مع الرسامة الليبية مريم عبد السلام بن نصر، إعداد أميرة غربي
هلا عرفتنا عن نفسك؟.
1/بسم الله الرحمـٰن الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف الخلق و المرسلين،سيدنا محمد {صلى الله عليه و سلم}،و على آله و صحبه اجمعين،و بعد...
يسرني كثيراً أن أجري هذا الحوار،و أول ما أبدأ به هو التعريف عن نفسي:
اسمي مريم من ليبيا،تحديداً من مدينة مصراتة،خريجة حديثة من الثانوية العامة،و سألتحق بكلية الطب قريباًـ بإذن الله ـ حيث سأدرس طب الأسنان ...ولدت في بريطانيا سنة 2002 ، وقضيت معظم طفولتي هناك،رجعت للوطن و استقرت في نهايةعام 2010 ـ أي قبيل قيام الثورة الليبية 17 فبراير ـ و طيلت فترة الحرب قضيتها في ممارسة هوايتي المفضلة،الرسـم...
ما هي اهتماماتك؟
2/بعيداً عن الدراسة،لدي اهتمامات أخرى غير الرسم،أهتم بالخطوط العربية،و الزخرفة الإسلامية،و المراتب العمرانية،و الآثار القديمة،كالآثار اليونانية،فأحب التأمل في دقتها المتناهية،و أتمعن في تفاصيلها المخفية...أميل قليلاً للقراءة،حيث أفضل قراءة كتب التنمية البشرية، أو القصص القصيرة ذات العبر،أو كتب تتحدث عن شخصيات ناجحة؛ أجدها أكثر فائدة من الروايات الطويلة و الغير الحقيقية أو الخيالية، كما أني أميل إلى الكتابةـ في الواقع ـ أكثر من القراءة؛فليس بإمكاني أن أرسم كل شيء،عندها أجد أن الكلمات تفي بالغرض.
ما هي إنجازاتك لعام 2020؟.
3/سنة 2020 كانت سنة عصبية بكل ما تعنيه الكلمة...
مررنا فيها بعدة أزمات،بدءاً بالحروب،و الإنقطاع المستمر للكهرباء،و نقص للوقود ـ كالبنزين و النافتة و الغاز الطبيعي ...إلخ ـ و غلاء في الأسعار مع تأخر الرواتب، وغيرها الكثير،حيث لا يسع المقام لذكره،و انتهاء بظهور الوباءـ كوفيد 19 ـ و تفشيه الذي أدى فيما بعد إلى توقف القطاعات عن العمل ـ الخاصة منها والعامة على سواء ـ بما فيها المؤسسات التعليمية!...
فبينما كان العالم بأسره في صراع حقيقي مع الوباء،كنا ـ نحن طلبة الشهادة الثانويةـ نحاول دراسة المناهج المقررة تحت ظروف و ضغوطات مختلفة.فتارة تحت أصوات الإنفجارت و طلقات الرصاص،و تارة على أضواء الكشافات و الشموع...باختصار،كانت سنة تعبنا فيها نفسياً و جسدياً!...
أما فترة الحجر الصحي،فقد كانت نقطة تحور جذري،أصبحت أرى العالم من منظور مختلف،أصبح كل ما يهمني مستقبلي،فماذا سأصبح؟و كيف سأفيد غيري؟هل سأفيد وطني يوماً ما؟...و غيرها من الأسئلة التي كانت تجول في ذهني،لم أعد أدرس و أجتهد من أجل نيل الدرجات و حسب،بل أصبح التحصيل العلمي أكبر هدفي...لا أنكر بأني كنت أطمح في نيل المنحة الدراسية ـ التي تقدم للطلبة المتحصلين على التراتيب (العشرة الأوائل على مستوى البلاد)ـ فقد كانت تعني لي الكثير!كانت ستضمن لي تعليماً أفضل؛لأنني ـ و بكل صراحةـ شعرت بأني طمست في ليبيا،فمنذ مجيئي إلى ليبيا ـ مضت 10 سنين ـ لم أجده سوى الحروب!...
بدأت بالدراسة قبل شهرين من الإماحانات النهائية،كمت أدرس المنهج وحدي،أقرأ الكتاب،أحفظ القوانين،أفهم الدروس ـ لاأحبذ الحفظ ـ و أحل التمارين،و إن جهلت شيئاً أو صعب علي الفهم،كنت أستعين بالمراشد،أي اعتمدت على نفسي 100%،لم أاجأ إلى مدرس خصوصي أو دورات تعليمية أو مراكز و ما إلى ذلك،كان الأمر صعباً في البداية،لم أعتدد على هذا من قبل،كنت في الماضي أدرس دروساً أو أبواباً فقط لوحدي،أما الآن فأمامي منهج كامل،ليست بمادة أو اثنتين،بل كل المولد!...و ما زاد الطين بلة،قرارات وزارة التعليم التي كانت تبدو عشوائية و غير مدروسة،إحداها الأسئلة الإسترشادية التي كانت تحتاج لطالب متمكن من الندمنهج ليحلها،الخلاصة،أن دراسة المنهج،لا مفر منه!..
و استطعت بعد عناء طويل،و جهد حهيد،أن أتحصل على الشهادة الثناوية بتقدير ( ممتاز) و لله الحمد،و كان ذلك في 16 من شهر ديسمبر 2020م...أما العشرة الأوائل،فقد تم الإعلان عن اسمائهم بعد أسبوعين تقريباً،إلا أن المنحة الدراسية لم تكن من نصيبي،تألمت كثيراً في البداية،و لكنني تظاهرت باللا مبالاة!كنت أريدها و بشدة،و لكن أمر الله كان مقدوراً،و الحمد لله على كل حال....
تحصيلي على الشهادة الثناوية قد يبدو انجازاً بسيطاً لأغلب الناس،إلا أنه يعني لي الكثـــير....
هلا حدثتنا كيف ولجت لعالم الرسم؟
4/ أعتبرها مصادفة!أجل ،مصادفة جميلة...
لطالما كنت أكثر من الرسم في صغري كنت أحب الرسم كثيراً،و لكني لم أكن أعلم بأني فعلا أجيد الرسم آنذاك،إلى أن وصلت في الصف الرابع الإبتدائي،في بداية العام،و تحديداً في الحصة الثانية من حصص التربية الفنية،إذ أن المُدرسة لم تصدق أن هذا رسمي، وظنت أن أحداً من أفراد عائلتي قام برسمها لي،لم تقتنع فبدي بادئ الأمر،و لكن مع مرور الأيام إكتشفَتْ أني موهوبة،و أما أنا فأدركت حينها أني أجيد الرسم،خاصة بعدما قامت معلمتي باشراكي في عدة مسابقات ،و نلت العديد من الجوائز ،كانت معلمتي أكبر دعم لي،و لها الفضل لما وصلت إليه...و ما إن أتممت الشهادة الإعدادية،و انتقلت إلى الثناوية،لم أجد أي اهتمام يذكر بالجانب الفني،لا دعم و لا تشجيع من أعضاء التدريس،عندها بدأت شيئاً فشيئا بالإبتعاد عن الرسم،ففي تلك السنين الثلاث لم ارسم إلا ما له صلة بالدراسة،عندها فقدت ثقتي بنفسي!...أما الآن فقد عدت لأرسم من جديد،ليس لأني أحبه هذه المرة،بل لأنني أحتاج إليه،أشعر بالحرية التامة عندما أرسم،أرسم بلا قيود،أرسم كل ما يجول بخاطري،أعبر عن مشاعري،أترجم احاسيسي بقلم الرصاص إلى رسومات و لوحات...ففي الرسم أجد ذاتي..
و بالرغم من الإنتقادات التي أتعرض لها،و التي أسمعها باستمرار،إلا أني سأستمر،سأتغرضى عنها و أستمر،فهناك من يدعمني،و هذا يظيدني ثقة و قوة...
مبدأ لا تتنازلين عنه؟.
5/لتصل إلى النجاح،عليك أن تتعب...
أجل،فالنجاح ليس سهلاً ميسراً،و إلا لكان كل مَن مِن حولنا ناجحين!..
النجاح يحتاج للمثابرة،للإجتهاد،للعزيمة،و لإرادة قوية؛ فأصحاب الإرادات الضعيفة لا يصلون أبداً إلى النجاح الحقيقي!..
النجاح الذي أتحدث عنه ليس هو نفسه مقابل الرسوب،لا!بل النجاح هو أن تنال مرادك،أن تحقق حلمك،أن تبلغ هدفك،أن تصل إلى مرحلة تكون فيها راضٍ تمام الرضى عن إنجازاتك وما حققته في حياتك....
هذا هو النجاح،أو على الأقل في نظري...
كلمة ختامية؟.
6/أما في الختام فأشكر كل من دعمني ـ و لو بكلمة ـ لهذا رفع من معنوياتي و زاد ثقتي،و لا أنسى شكر صديقاتي اللاتي كنا معي خطوة بخطوة،و شكر خاص للأخت ـ الكاتبة الجزائرية ـ أميرة الغربي على منحي هذه الفرصة،و أوجه رسالة أخيرة لكل من يقرأ الآن،و إلى دفعة خاصة:امضوا دائماً نحو أحلامكم؛فلا شيء مستحيل،ارفعوا آمالكم معكن،و كونوا ذا إرادة صلدة،عندها فقط ستصلون للقمة...
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا من فضلك و تذكر "ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد".